خفض قيمة الجنيه المصري بين المنافع
مع كل خفض جديد بسعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار الأميركي، يتبارى المسؤولون بالحديث عن مزايا ذلك الخفض الذي سيؤدي إلى زيادة الصادرات، وزيادة قيمة الواردات مما يشجع الإنتاج المحلي على إحلال بعض المنتجات محل الواردات ليفضي ذلك إلى خفض الواردات، ويساعد على زيادة معدلات الاستثمار الأجنبي المباشر وغير المباشر.
يشجع الأجانب لشراء العقارات المصرية الرخيصة، ويساعد على زيادة معدلات قدوم السياحة، وكل ذلك مبني على أمر بديهي يقضي بأنه في ضوء انخفاض سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار الأميركي منذ بداية العام الحالي بنسبة 53% حتى اليوم الثاني للتعويم الجديد، الذي تم في 27 أكتوبر/تشرين الأول، فإن المستورد الأجنبي لسلعة مصرية كانت قيمتها 10 آلاف جنيه مصري كان يدفع فيها نحو 636 دولارا ببداية العام، أصبح الآن يمكنه شراؤها بنحو 417 دولارا فقط.
والسائح الذي كان يدفع تكاليف رحلة قيمتها 8 آلاف جنيه مصري ببداية العام (نحو 509 دولارات) يمكنه الآن دفع 333 دولارا للرحلة نفسها، ومن كان سيشتري عقارا مصريا ببداية العام قيمته مليونا جنيه مصري كان سيكلفه 127 ألف دولار سيصبح بإمكانه شراؤه بقيمة أقل من 84 ألف دولار.
المستثمر الأجنبي الذي كان يريد إنشاء مصنع بمصر يكلف ملياري جنيه مصري كان سيدفع في بداية العام 64 مليون دولار، أصبح ذلك المصنع يكلف 42 مليون دولار، والأمر نفسه للمستثمر الأجنبي الذي يشتري أدوات الدين الحكومي من أذون وسندات الخزانة المصرية.
8 تخفيضات سابقة للجنيه أمام الدولار
لكن ما دام الأمر بتلك البساطة، فلماذا لم تحقق الصادرات والسياحة والاستثمار الأجنبي طفرات كبيرة في السنوات الماضية، خاصة أن خفض الجنيه أمام الدولار المرتبط بالاتفاقات مع صندوق النقد أخذ مسارا تاريخيا يمتد حتى عقد الستينيات من القرن الماضي.
ففي مايو/أيار 1962 جرى خفض الجنيه أمام الدولار بنسبة 23%، وفي أول يناير/كانون الثاني 1978 بنسبة 79.5%، وفي 11 مايو/أيار 1987 بنسبة 63%، وفي عام 1991 جاء خفضه مرتين بإجمالي 24%، وفي 29 يناير/كانون الثاني 2003 بنسبة 20% بتنسيق مع الصندوق ومن دون عقد اتفاق مثلما حدث في السنوات السابقة.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2016 جرى خفضه خلال الشهر بنسبة 104%، وفي 21 مارس/آذار من العام الحالي بنسبة 16%، واستمر الخفض التدريجي له في الشهور التالية، حتى كان الخفض بنسبة 16.5% في 27 أكتوبر/تشرين الأول، وهو السعر الذي يحتاج إلى بضعة أسابيع حتى يستقر.
إذن، لا يعد خفض العملة وحده كفيلا بتحقيق الطفرات التي وعد بها المسؤولون وإعلام الصوت الواحد، وهو ما سنحاول تبيانه مع بعض الموارد بالسنوات التالية للاتفاق مع الصندوق عام 2016، ولنبدأ بالصادرات السلعية المصرية التي بلغت 18.7 مليار دولار بالعام المالي 2015/2016 .